" مـــيــلائـكة الـفـردوس الـمـفـقـود " حائزة على جائزة وشهادة تقدير ( ۞ نـــاثـر الـــورد ۞ )

13‏/08‏/2012

(((... مــــبــعـــوث الــســمــاوات ...)))



في أربعاء الأسبوع الأول من رمضان الكريم جاءني اتصال من ابن العمة التي تقطن في إحدى المناطق الجبلية :
"أريدك أن تأتيني وتقلني في المركبة بعد صلاة التراويح .."
-فبادرته قائلا: "إن شاء الله سآتيك الساعة لا تقلق".

بعد أن فرغنا من صلاة التراويح توجهتُ مباشرة إلى المركبة ومن بعيد نفثت الإشارات اللاسلكية بجهاز التحكم عن بعد (الريموت كنترول) إلى كل الأبواب فتلقت مستقبلة النفثات فانزلق مزلاج الأبواب وقبضت المقبض فانبجس الباب وعلى إثره دخلت فالقمرة الرئيسة ومن بعدها نقرت المحرك بالمفتاح المخصص لذلك ورميت في صندوق القمرة الرئيسة الهاتف ، وبعد سبع دقائق تقريبا قمت بالسير ببطء مرددا :"باسم الله عليه توكلت" وبدأت أمشي بالمركبة رويدا رويدا وعند نهاية منعطف سكنانا ... وأنا أكاد لا أرى شيئا ؛ من حلكة الظلام الدامس لمحت بطرف عيني شيئا ملقى على الرصيف بعد الخط الأصفر فتسارعت دقات قلبي ... وبدأ عقلي يحيك الأسئلة وينسج الظنون متحيرا ... يا ترى ما ذاك الشيء الملقى ...!!!!!

فما كان مني إلا أن قمت بالضغط على الفرامل بقوة مفرطة ، ووضعت عصى ناقل الحركة في الاتجاه الخلفي وضغطت على مدفعة السرعة التي بها أنبوب التحكم بسائل البنزين ، فوصلت إلى مكان الشيء الملقى على الخط الأصفر ...!!!

في تلك الأثناء بدأت أشعر بنبضاتي الصاخبة كأنها تترامى وسط بحر لج تتقاذفه الأمواج و تلعب به الرياح ... بدأ يزداد قلقي في جوفي وتفقت نبضاتي تقرع طبول الخوف وترتفع كلما اقتربت من المكان وها هو الأدرنالين يسجل أعلى مستويات ارتفاعه لدي خلال هذا العام وأصبحت خطواتي متثاقلة و قدمي لا تسعفني على الاستمرار فكدت أصاب بالإغماء من هول الموقف وعيني عميت أن ترى شيئا من محجرها ...!!!

وبالسرعة القصوى تراجعت وذهبت إلى أهلي عند نقطة التقاءهم ، وهم يقومون باحتساء القهوة ويستمتعون بأكل الفواكه اللذيذة ويجتاحون ما لذ وطاب من الوجبات التي نراها في الشهر الفضيل وهم يتسامرون بالأحاديث.

وصلت عندهم وأنا لا أكاد أن ألتقط أنفاسي وكأني عائد من معركة أجر أذيال الهزيمة من جراءها وقلت لهم :
"هيا .. هيا .. هيا بسرعة تعالوا معي اركبوا المركبة ...؟".

-وهم في صورة الاستغراب الشديد مني- ماذا دهاك ؟؟ وماذا حدث تبدو كأنك تناولت حبوب الهلوسة ...؟؟؟

قلت لهم -وأنا في وضع لا أحسد عليه- :
"رأيت شيئا ملقى عند الخط الأصفر أتوسل إليكم تعالوا معي ...!!!"

وكلهم امتطوا المركبة بسرعة .. فأمسكت المقود وكأني لأول مرة أقود المركبة من هول الموقف ... الذي أشاهده لأول مرة في حياتي.

وصلنا إلى المكان المقصود
وسبحان الله لم يسلك أحد ذلك الطريق إلى أن وصلنا.

تعالت الأصوات وكلهم بهتوا من الموقف ...!!!

وضع من الجهة القادمة شخص ؛ ليستجوب المارة ، وأيضا في الجهة الذاهبة شخص ؛ ليستجوب المارة السالكين للطريق واحتشد الناس من كل حدب وصوب ، ثم تمت إحاطة الملقى بالخط الأصفر لمنع الاقتراب منه ...!!!

وأنا في حالة من الذعر قمت بوضع المركبة بعيدا عن موقع الاحتشاد -قرب منعطف سكنانا-.

وذهبت إلى الشخص الذي يقوم بالاستجواب وكان الشخص المستجوب يرتجف ويرتعد كالسمكة التي أخرجت إلى التو من البحر و بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة مودعة وكان المستجوب يوجه نظراته البائسة إلى الشيء الملقى.

قام عمي بالاقتراب من الملقى واستنكف قائلا : ياهذا ... ياهذا ... ياهذا ... قم ألا تسمع ..؟؟




ولم يتلقى أيتها استجابة فباشر بالاتصال بالطوارئ ... وبعد مضي فترة من الزمن أسعفنا جهاز الإسعاف المتنقل وتلقينا الخبر :
"الشيء الذي قد تم نقله من عند الخط الأصفر إلى المشفى جثة قد فارقت الحياة منذ أكثر من نصف ساعة تقريبا".


الجثة لشاب ثلاثيني من العمر خرج من بيته لممارسة الرياضة وافته المنية عند لحظة خروجي وعندما رأيته –ومثلما يعلم الجميع أن في الليل لا يستطيع المرء أن يتحرى ما يشاهده أمامه- فقط رأيت حذاءه الرياضي فوق الخط الأصفر من الشارع وباقي جسمه ممدود خارج الشارع وكان يرتدي زيا رياضيا يميل لونه إلى القتامة...
اللهم أرحمه وغمد روحه الجنة.


اللهم لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف فيه.
اللهم إني أعوذ بك من شر الحوادث ومن موت الفجأة.
اللهم اختم بالصالحات أعمالي.
اللهم ارحمني فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.
اللهم إني أسألك حسن الخاتمة.









التعليقات (9)

تحميل ... جاري تسجيل الدخول ...
  • مسجل دخولك باسم
قصة مؤثرة جدا... لكنها رائعه في الطرح والاسلوب
اللهم احسن خاتمتنا ولا تمتنا الا وانت راض عنا .....
بارك الله فيك اخ ناثر ... دائما تمتعنا بما تقدم وفي كل مرة ننبهر بما تقدم .. ودائما نحن بإنتظار كل ماهو جديد ....
( قلعة الشموخ)
لا حولة ولا قوة إلا بالله
بحق قصة مؤثرة
وموقف صعب ) :
الله يرحمة ويغمد روحه الجنة يا رب
لا حول ولا قوة إلا بالله
رحمه الله وأسكن روحه الجنة

تُشكر أخي ناثر الورد
لا حول ولا قوة إلا بالله
رحمه الله وأسكن روحه الجنة

تُشكر أخي ناثر الورد
الله يرحمه ويغفر له ،،
اللهم نسألك حسن الخاتمة ،،، طرح رائع أخي ناثر ،، واسلوب جميل في الكتابة ،،،
رائعه جدا كما عودتنا يا ناثر الورد ،، الله يرحمه ويغمد روحه الجنة .. آمين
اللهم ارحمه برحمتك....واكرمنا برحمتك يارحمان يارحيم
آلله يرحمه يآ ربي .. جميل آخي نآثر آلورد .. ~
كلمات قوية ,,, وأسلوب راقي في الطرح...شوقتني لقراءة القصة بالكامل...الله يرحم المتوفي ولو إنك خوفتني في البداية...ههههههههه

إرسال تعليق جديد

Comments by