" مـــيــلائـكة الـفـردوس الـمـفـقـود " حائزة على جائزة وشهادة تقدير ( ۞ نـــاثـر الـــورد ۞ )

11‏/05‏/2013

(((... لا تـخـبـروا رقـيـة بـأنـي سـأرقـد هـنـاك ...)))



(سنذهب لأداء المناسك ونشكر الله على هبته لنا بابنتنا "مناسك")
في العاصمة كان يقنط في الحي جاران متلازمان حتى يكاد مأكلهما ومشربهما معا بشكل شبه يومي.
رقية لأبيها قالت : يا أبي الليلة ستأخذني إلى "مناسك" لكي ألعب معها .
أجابها أباها : بمشيئة الله يا ابنتي العزيزة ولكن لا تزعجيهم بشقاوتكِ.
جاء أبو رقية إلى منزل "مناسك" ووجد أباها يلعب ويلهو مع ابنته والسعادة تكاد تغمره إلى قمة رأسه وقال لأبو رقية "أهلا وسهلا تفضلوا البيت بيتكم ولابد منكم عندما تمروا أمام البيت أن تدخلوا البيت دون أن أقول لكم ".
استمرت الزيارات إلى زيارات شبه يومية وإلى أن أصبحت "مناسك" و "رقية" جسدين متحدتين الروح.
لمناسك من الأخوة الكثير ولها محبة تأسر القلوب لهم جميعا ولكل من دخل البيت ونظر بوجهها النور وإستنار به.
مناسك : أبي أبي أبي سأذهب معك.؟
أبوها : لا ياحبيبتي أنا ذاهب إلى العمل لا أستطيع أن أحملك معي ولكن أعدك بأن أجلب لك ما يسر خاطرك.
مناسك : أخي أخي أخي سأذهب معك.؟
أخاها : حسنا حسنا حسنا ولكن بشرط لاتزعجيني أثناء القيادة.
استقل أخاها المركبة وترجلت معه مناسك وذهبا إلى السوق ... اشترى أخاها مستلزمات البيت وسأل ماذا تريدين ياعزيزتي مناسك : أريد أن أشتري رباط العنق.
تعجب أخاها من الذي تريده !!!!
 
 
الأخ مستغرباً منها وقال لها :
عزيزتي لماذا تريدي رباط العنق ...؟
مناسبك بصوت بريئ : أريده لقطتي.
أخاها : أي قطة ياعزيزتي الصغيرة ...؟
مناسك : القطة التي تأتي بيتنا كل يوم ، لقد أصبحت صديقتنا أنا ورقية.
إختارت مناسك رباط العنق ذات الشريط الوردي وبه حلقة لقلادة دائرية الشكل.
رجعا من السوق ووصلا إلى المنزل فهرولت مناسك إلى أمها وقالت بفرح :
أمي أمي أمي إنظري إلى هذا الرباط الرائع لقطتي ستفرح رقية بذلك.
وبشغف كبير كانت تنتظر قطتها بفارغ الصبر والتي غالبا تأتي عند وقت وجبة الغداء ... وأخيراً جاءت القطة نقية البياض وموشحه بالاخضرار عند أسفل الرقبة.
تعالي تعالي يا قطتي الجميلة عندي لك مفاجأة لقد أحضرت لك هدية لاتقدر بثمن سوف تحافظ على صداقتنا أنا وأنتي ورقية ... إنظري إلى هذه _ أشارت إلى ربطة العنق_ وتقدمت القطة إليها وألبستها ربطة العنق .. لا تذهبي يا قطتي سأجلب لك السمك.
حضر أباها وهي تطعم القطة بالسمك اللذيذ وسره المشهد وقال لكل أبنائه : لابد من الجميع إطعام هذه القطة لأنها أصبحت صديقتنا ولن أسمح لأحد بإزعاجها أو حتى من يقوم باستنفارها.
صرخت مناسك بأعلى صوتها وتعجب الجميع منها وقالوا : ماذا حل بكِ ...!؟
قالت لهم : متى ستأتي رقية ...؟
ردوا عليها وهم يخرجون الزفير : لا نعلم.
بصوت عاااالي تصرخ وفي صرخاتها دموع الشوق الجامح لصديقتها رقية لتعلمها بالمفاجأة وتنادي إمها :
 أاااااااااااماه متى ستأتي رقية ....؟
جاوبتها إمها بكل هدوء وسكينة :
ستأتي غداً بإذن الله.
وبامتعاض شديد قالت لأمها :
هاتفي أمها الآن لكي تأتي الآن وليس غداً.
أمها : حبيبتي الآن ليس بمقدوري أن أهاتفها ولكن أعدكِ أن أهاتفها الليلة لكي تأتي بها غداً.
أمها كفكفت دموع صغيرتها وأعدت لها وجبة الغداء وتناولته بكل شراهة بعد أن أطمأنت بأن رقية ستأتي غداً.
جاء الغد المنتظر ، وقامت مناسك من الصباح الباكر ترتقب مجيئ صديقتها رقية ، أعدت أمها وجبة الأفطار لها وتناولته بأكمله لأنها فرحة بمقدم صديقتها رقية.
صوت الجرس يرن ، هرولت مناسك بفتح الباب "جاءت من سيسعد قلبها" إنها رقية قد وصلت يا أمي وأخذت رقية بالأحضان ومن حسن الحظ أنها لم تقم بتوبيخها أمام أمها بسبب تأخرهما، أم مناسك من بعيد ردت قائلة : ادخليهم ياعزيزتي لقد جاءت التي كنت تنتظريها بفارغ الصبر.
ذهبت مناسك ورقية لتلعبان في الحديقة التي بجوار البيت حيث هناك الخروف الذي يقومون بتربيته لذبحه فالعيد وبالحديقة أشجار طويلة الظلال.
وقبل دخول دخولهما الحديقة أحضرت مناسك عصبه ناعمة لتغلق عينا رقية وقالت لها : "أريد أن أضع العصبة فوق عينك ، لقد أعددت لك مفاجأة"
وقالت رقية والدهشة المتقعة في فوجهها : ما هي يا مناسك ...؟؟؟
قالت لها : أصمتي قليلا سترين بعد قليل.
واقتادتها من يدها وهي معصوبة العينين إلى وسط الحديقة حيث مكان تواجد القطة ؛ عندئذ أزاحت من عينياه العصبة.
رقية مندهشة من المنظر الذي أدخل السرور في قلبها مباشرة ، فقامت مسرعة بإمضاء قبلة على جبين صديقتها مناسك من المفاجأة التي أعدتها لها صديقتها فقالت لمناسك :
شكراً جزيلاً يا صديقتي الرائعة لن أنساها ماحييت وتعالي نقعد عند تلك الشجرة الكبيرة لتخبريني عن كيف خطرت ببالكِ الفكرة ومتى أعددتها.
مر اليوم سعيداً كسائر الأيام عند الجسدين بالروح الواحدة مناسك ورقية .. وفي نهاية اليوم تواعدتا بأن تهدي كلا منهما الأخرى هدية في يوم الخميس المقبل.
مضى الأسبوع وأتى يوم الخميس قال أبو رقية سنذهب الليلة إلى حفل زواج  لأقاربنا ، رقية تقول لأباها : 
سأذهب معك لكن بشرط عندما ننتهي من الحفلة سنذهب إلى بيت مناسك لأني قطعت وعداً بأن إهُديها هدية ..؟؟؟
قال لها أباها : لا ضير في ذلك سنذهب إن عدنا مبكراً.
أبو مناسك سنذهب اليوم إلى مسقط رأسنا وسنرفه عن أنفسنا قليلا هناك.
وصلوا أبا مناسك إلى مسقط رأسه حيث قام بشراء عدة الطعام لإعداد وجبة الغداء في تلك الاستراحة الجميلة التي يمتلكها عند مشارف التلة وبها بستان جميل يسلب الأذهان من نظر إليها أو من سمعها عند النطق بها.
تعالي يا مناسك حبيبتي لا تذهبي بعيداً لكي لاتقعي من أعلى التلة.
مناسك لأبيها تقول : أبي أنا أحب هذا البستان وأحب أن ألهو بجواره وأحب أن أقوم بطرح الماء لكل الأشجار أثناء جريانه في البستان.
الأم تعد وجبة الغداء لعائلتها وحينما إنتهت من إعداد الطعام نادتهم تعالوا : الغداء جاهز.
وأثناء تناول الغداء قالت مناسك لأمها : ياليت لو أتت رقية معنا لتستمتع معنا إنه يوم جميل في هذا البستان حيث الهواء عليل وجيد لنلعب أنا وهي.
فتبسمت إمها ضاحكة من قولها وقال :
تريديها معنا لتستمتع أم تريديها لتلعب معك !!! .. فضحك الجميع على قولها.
بعد إنتهاء الجميع من تناول وجبة الغذاء أخذ الجميع قسطاً من الراحة إلا مناسك تتلعثم وكأنها تحادث صديقتها رقية يكاد الجميع لا يستطيع النوم من تلعثمها.
بعد الظهيرة قام الجميع وقال أخو مناسك لأبيه سأذهب للبقالة لأجلب بعض الحلويات وسأخذ معي مناسك.
أدار الأخ محرك المركبة وترجلت معه في المركبة أخته مناسك وذهب إلى البقالة التي بجوار الاستراحة وتبعد مايقارب البضع كيلومترات.
جاء إتصال من صديق لأبو مناسك وقال له : إخرج معي سألتقيك عند بوابة الاستراحة.
تفاجئ أبو مناسك من إتصال صديقه ولما قابله عند البوابه سأله :
أين أبناءك ..؟
بدأ خفقان قلب أبو مناسك بشكل متسارع وقال له :
لقد ذهبوا إلى البقاله لجلب بعض الحلويات.
صمت صديق أبو مناسك إلى أن وصل إلى الواقعة ووجد الأب مركبته ملطخه بالدماء وجهاز الأسعاف بجوارها تصدر التحذيرات الذي يزيد من تأجيج الواقعة"
إنهار الجبل الصلد.
أكاد لا أرى الألوان.
أكاد لا أستطيع الحركه.
أكاد لا أستطيع النظر.أكاد لا أستطيع السمع.
أكاد لا أستطيع الشم.
شلت كل جوارحي وخارت كل القوى فقط أشعُر بسرعة خفقان القلب بمرافقة الشهيق والزفير أمام هذه الواقعة.
سيقت مناسك إلى أقرب مشفى قريب وسيق أخاها إلى مشفى المنطقة المجاورة وفي منتصف الطريق تلت في السماء أرواح :
"أمي وداعاً إن شاء الله ملتقانا الجنة وأرجوكم لاتخبروا رقية بأني سأرقد هناك"
حيث أن أمها لاتزال لاتعرف أين ذهبت مناسك وأخاها ، وجاء أخ أم مناسك وأخذها إلى البيت وأستقبلت إبنيها بالثوب الأبيض.
وعندما إنتهى الزفاف السعيد تقلى أبو رقية بخبر زفاف الرحيل ورقية لاتدري ما الذي حدث وقالت لأباها "الآن الآن أريد أن أذهب إلى بيت مناسك لأخبرها بالزفاف السعيد" 
قال لها وهو كظيم : "مناسك أصبحت طيراً من طيور الجنة وستلتقيها إن شاء الله هناك"
 
 
 

هناك 11 تعليقًا:

غير معرف يقول...

الرحيل...انامل تكتب ودموع تسيل..ليتها الأيام ترجع..او ليتها تمضي ويعانقنها نسيان لحين..انني اهفو لشخص كان حقا بيننا واليوم لم يبق سوى ذكر جميل لكنه ألم حزين..اشتاق همس حروفه لمساته وعناقه..وذلك الصخب الجميل.. أيها القلب استكن انني اترقب طيفا غادر الواحات فينا واستيعض بواحة تخلو من الألم الحزين..ارتقبني أيها الراحل عنا..انني يوما سيدركني الرحيل

حلم ذابل

طبعي تاريخي يقول...

رحمة الله على مناسك و أخيها... ولكن الإنسان لا يملك أمام قضاء الله سوى الصبر... رائع ماجادت به أناملك .. فأناملك أخي الفاضل لا تفيض إلا درر.... ابداعتك متواصلة و ليتنا نملك شيئا بسيطا مما تملك من حس مرهف ..... وفقك الله أخي ناثر..فروعة ما تكتبه تجعلنا ننتظر منك المزيد.....

قلعة الشموخ....

Unknown يقول...

أحزنتني كثيرا هذه القصة لأنها روت مأساة حقيقية .. جعلتني أشعر بفقد يشبه فقد قريب لي .. رحم الله الطفلة الصغيرة وأخاها وأسكنهم فسيح جناته ورزق أهلهم الصبر والسلوان ..

غير معرف يقول...

كم هو جميل أن تستل قلمك لتطوع به ما يجول من حولك من أحداث بفن متقن فقلما يمتلك هذه الموهبة أشخاص...ولكني أعتب عليك وقوعك في بعض الأخطاء النحويةوالإملائية..كاتب متبحر مثلك يجب أن يتجاوز هذه العثرات كي يظهر العمل جليا متألقا...دمت بود..دررعمانية

OMAR AL Kiyumi يقول...

ليتني متت قبله ولا أسمع خبر وفاته .. فقدت اغلى انسان ،، فقدت شخص كنت اسميه أعزز الناس ،، فقدت اخوي الي ما جابته أمي .. أنا ابكي من كل. قلبي لما اذكر آخر محادثه كانت بيننا قبل ما يموت ، كان يقول لي فداك الكون كله .. فرقاك صعب يامصبح والله صعب.. الله يشهد اشكثرر مشتاقلك ومشتاق لسوالفك وضحكك ومزحك .. عسانا نلتقي ف جنات النعيم يالغالي يا اعزز الناس .. ا

غير معرف يقول...

رحمهما الله ووسع مدخلهما...
رحمها الله حبيبتي مناسك وجعلها من طيور الجنه...

الى جنات النعيم احبتي.ارقدو بسلاما امنين....
هكذا هيه الحياه تأخذ منا كل حبيب وقريب...
قصه محزنه دمعت عيناي
فما بال والديهم
يارب احفظ أبنتي ومافي رحمي... وابناﺀ جميع المسلمين....
لأنني لااستطيع العيش من دونهم...

غير معرف يقول...

"إن لله وإنا إليه راجعون "
هكذا هي الحياة .. قادمون ومغادرون .. فكم من عزيز رحل من بيننا بدون سابق إنذار ..
ولكننا لا نملك سوى الدعاء لنا ولهم ..
لهم .. بأن يسكنهم ربي فسيح جناته ..
ولنا .. أن يلمنا الصبر على فراقهم ..
رحم الله أخي وابن أخي .. وجميع موتى المسلمين .. ياااارب .

ولقد أبدعت أحي " ناثر الورد "
سلمت وسلمت أناملك وما خطت ..

دمت بود *

غير معرف يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
غير معرف يقول...

جميل ماقرأته هنا
فكرة جميلة ... سرد رائع ... تشويق حاضر
تمنياتي لك بالتوفيق دائما وأبدا
محمد الشعيلي

غير معرف يقول...

رحمهم الله .. وأسكنهم فسيح الجنان ،

مؤثرة جدا والسرد أعطاها تأثير أكبر ..

واصِل .. وفقك الله لما يحب ويرضى !♥

غير معرف يقول...

رااااائعة جدا حروفك أستاذي.والله انتابني حزن عميق..قلمك شامخ واسلوبك بالسرد القصصي مميز..أعجبني الأحساس والحياة بالقصة..لك مني كل الشر وتقبل مروري المتواضع..أختك اماني الراسبيه.